سياسة

نيويورك تايمز: الاعتراف بالدولة الفلسطينية: تحول دبلوماسي يعكس الغضب الدولي من حرب غزة

قطاع غزة
قطاع غزة

إعلان بريطانيا وأستراليا وكندا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين شكّل محطة فارقة في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، ورسالة قوية تعكس حجم الاستياء الدولي من سياسات إسرائيل في غزة والضفة الغربية. الخطوة، التي سبقت انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تكن مجرد موقف رمزي، بل تحمل في طياتها أبعادًا قانونية وسياسية يمكن أن تغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية يستند إلى معايير واضحة في القانون الدولي، حددتها اتفاقية 1933، وتشمل وجود شعب دائم، وأرض محددة، وسلطة حاكمة، وقدرة على إدارة العلاقات الخارجية. ورغم تعقيدات الاحتلال الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني، يرى خبراء القانون الدولي أن هذه الشروط متوفرة بدرجة كافية، وهو ما يمنح هذا الاعتراف شرعية قانونية.

ضغط متصاعد على إسرائيل

الخطوة ليست مجرد دعم سياسي، بل تحمل معها التزامات جديدة على الدول المعترفة. إذ ستكون هذه الدول مطالَبة بمراجعة علاقاتها الثنائية مع إسرائيل لضمان عدم انتهاكها حقوق الدولة الفلسطينية. وهذا قد ينعكس على ملفات التجارة، التعاون الأمني، والتعامل مع المستوطنات، ما يفتح الباب أمام أشكال جديدة من الضغط الدولي على تل أبيب.

أغلبية أممية وحصار دبلوماسي متنامٍ

اليوم، أكثر من 147 دولة تعترف رسميًا بفلسطين، ومع انضمام قوى غربية مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، يتعزز الموقف الفلسطيني بشكل غير مسبوق. هذه التحولات تجعل الولايات المتحدة القوة الكبرى الوحيدة في مجلس الأمن التي ما تزال ترفض الاعتراف الكامل، وهو ما يضعها في عزلة دبلوماسية متزايدة.

رمزية تتجاوز الشكل إلى الجوهر

صحيح أن الاعتراف وحده لا يغير الواقع على الأرض ولا ينهي الاحتلال، لكنه يبعث برسالة سياسية قوية: أن المجتمع الدولي بات ينظر إلى حل الدولتين باعتباره الخيار الواقعي الوحيد لإنهاء الصراع. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن هذه الخطوات تفتح أبوابًا أوسع للتمثيل الدبلوماسي، وربما لممارسة حقوق قانونية أكبر في المؤسسات الدولية.

معادلة جديدة للسلام

المواقف الأخيرة لبريطانيا وكندا وأستراليا جاءت متزامنة مع تصاعد الحديث عن حل الدولتين. فكما أوضح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فإن الاعتراف ليس نهاية المطاف، بل بداية لتحريك عملية السلام المتجمدة. بينما رأت كندا أن الشراكة المستقبلية مع كل من فلسطين وإسرائيل ضرورية لبناء أفق سلام طويل الأمد.

الموقف الإسرائيلي: رفض وتشدد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف الخطوة بأنها “مكافأة للإرهاب”، في إشارة إلى حماس، مؤكدًا أن قيام دولة فلسطينية يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل. هذا الموقف يعكس الانقسام الحاد داخل السياسة الإسرائيلية، خاصة مع نفوذ القوى اليمينية المتشددة الرافضة لأي تنازل.

يمكن القول إن الاعتراف الغربي بفلسطين لم يعد مجرد ورقة تفاوضية مؤجلة، بل أصبح أداة ضغط دبلوماسي تستخدمها دول كبرى في محاولة لإعادة التوازن إلى مشهد معقد. وبينما تبقى الولايات المتحدة الحاجز الأكبر أمام حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فإن تنامي هذا الاعتراف يعيد رسم خطوط اللعبة، ويفتح بابًا جديدًا أمام الفلسطينيين لإعادة فرض قضيتهم على الأجندة الدولية.

تم نسخ الرابط