تحقيقات ومتابعات

الجارديان: أزمة خضراء جديدة: سباق عالمي لإعادة تدوير شفرات توربينات الرياح

توربينات الرياح
توربينات الرياح

في الوقت الذي يتسابق فيه العالم لزيادة حصته من الطاقة المتجددة، يلوح في الأفق تحدٍ غير متوقع يهدد صورة طاقة الرياح كأحد أعمدة التحول الأخضر. ففي مستودع بمدينة إيرفاين الأسكتلندية ترقد عشرات الشفرات الضخمة التي كانت جزءًا من أول مزرعة رياح تجارية في ، بانتظار حل بيئي لمعضلة معقدة: كيفية التخلص من شفرات التوربينات المصنوعة من ألياف الكربون.

تراكم النفايات الصلبة

رغم أن معظم مكونات التوربينات يمكن إعادة تدويرها بسهولة، فإن الشفرات شديدة المتانة تمثل استثناءً صعبًا. منظمة WindEurope تتوقع أن يتم تفكيك 14 ألف توربين في أوروبا بحلول 2030، وهو ما سيولد ما يصل إلى 60 ألف طن من نفايات الشفرات، نصيب ألمانيا منها الأكبر. أما الولايات المتحدة فتواجه تحديًا مضاعفًا، حيث يُتوقع أن تصل مخلفات الشفرات إلى نحو 370 ألف طن سنويًا بحلول منتصف القرن.

صورة الاستدامة على المحك

المشهد لا يخلو من تناقضات. فبينما يُنظر إلى طاقة الرياح باعتبارها رمزًا للطاقة النظيفة، انتهى الأمر ببعض الشفرات القديمة مدفونة في مكبات نفايات، ما أثار انتقادات قوية من خصوم التقنية. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان من أبرز من استغل القضية، مدعيًا أن الشفرات "تصدأ وتتعفن" ولا يمكن التخلص منها. لكن خبراء الصناعة شددوا على أن التحدي لا يتعلق بالتحلل الطبيعي، بل بتطوير سلاسل تدوير صناعية قادرة على استيعاب الكم المتزايد من النفايات.

محاولات لإيجاد حلول مبتكرة

في مواجهة هذه الأزمة، بدأ بعض الرواد في البحث عن استخدامات بديلة للشفرات. ففي أسكتلندا مثلًا، جرى تحويل أجزاء منها إلى مظلات لمحطات شحن السيارات الكهربائية أو مآوٍ للدراجات. هذه المبادرات، رغم رمزيتها، لا تزال محدودة ولا تستطيع معالجة آلاف الأطنان من المخلفات المتوقعة.

تحرك الشركات الكبرى

شركات طاقة أوروبية دخلت على خط الحلول الصناعية. شركة "إيبردرولا" الإسبانية دشنت مصنعًا مخصصًا لإعادة تدوير الشفرات بطاقة تصل إلى 10 آلاف طن سنويًا، عبر استخلاص الألياف والراتنجات وإعادة توظيفها في قطاعات السيارات والطيران والبناء. واعتبر مسؤولو الشركة أن المشروع يشكل مرحلة جديدة في الاقتصاد الدائري للطاقة المتجددة.

نحو جيل جديد من الشفرات

شركات مثل Ørsted الدنماركية وScottishPower البريطانية تعهدت بعدم السماح بدفن الشفرات في الأرض، وأعلنت استعدادها لتخزينها مؤقتًا لحين إيجاد تقنيات قابلة للتطبيق على نطاق واسع. في الوقت ذاته، يجري العمل على تطوير شفرات جديدة يسهل تفكيكها وإعادة تدويرها، وهو ما قد يغير قواعد اللعبة مستقبلًا.

خيار تمديد العمر الافتراضي

بالتوازي مع جهود التدوير، يختبر خبراء في بريطانيا إمكانية إطالة عمر الشفرات القائمة بنسبة تصل إلى 50% من خلال تحسين الصيانة والتكنولوجيا، وهو ما قد يمنح الصناعة فسحة زمنية لمواجهة التحدي.

اختبار حقيقي للتحول الأخضر

تظل الأزمة القائمة بمثابة اختبار لجدية قطاع الطاقة المتجددة في مواجهة مخاطره البيئية الداخلية. فإذا نجحت الصناعة في تحويل النفايات إلى موارد جديدة، فإنها لن تضمن فقط استمرار زخمها، بل ستثبت أيضًا أن الاقتصاد الدائري قادر على مرافقة التحول الأخضر حتى نهايته.

تم نسخ الرابط