"غياب صوت الفتوى".. السعودية تودع الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ

غادر الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، هذه الدنيا صباح الثلاثاء 23 سبتمبر 2025، تاركًا فراغًا كبيرًا في مؤسسة الإفتاء وصوتًا اعتاد المسلمون أن يلجأوا إليه في قضاياهم الكبرى.
نشأة مختلفة وظروف خاصة
وُلد الشيخ في مكة المكرمة عام 1943 (1362هـ) في بيت علم ودعوة؛ فهو من أسرة آل الشيخ، أحفاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب. عاش طفولته في بيئة يختلط فيها الدين بالعلم، لكن رحلته لم تكن سهلة؛ فقد أصيب بضعف في البصر منذ شبابه حتى فقده تمامًا، وهو ما جعل حفظه للقرآن وطلبه للعلم أشبه بتحدٍّ شخصي غيّر مجرى حياته.
طريق طويل إلى الفتوى
لم يكتفِ الشيخ بحلقات العلم في المساجد، بل درس في معهد إمام الدعوة، وتخرّج في كلية الشريعة بالرياض. ومع مرور السنوات، عرفه طلابه وخاصته بصرامته العلمية وحرصه على الدليل الشرعي في كل فتوى. وعندما رحل الشيخ ابن باز عام 1999، وقع الاختيار على عبدالعزيز آل الشيخ ليكون المفتي العام، منصب ظل يشغله حتى وفاته.
شخصية حازمة وصوت مسموع
لم يكن الشيخ كثير الظهور الإعلامي، لكنه حين يتكلم تصدح كلماته في مسامع الملايين. ارتبط اسمه بفتاوى مؤثرة في قضايا حساسة؛ من الإرهاب والعنف، إلى الموقف من المستجدات الطبية والاجتماعية. كثيرون وصفوه بأنه "هادئ الطباع، شديد في الحق"، وأن شخصيته لم تكن تبحث عن الأضواء بقدر ما كانت تبحث عن الكلمة المسؤولة.
أثر باقٍ بعد الرحيل
برحيله، يخسر العالم الإسلامي أحد أبرز رموزه الشرعية في العقود الأخيرة. لكن سيرة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ تظل شاهدًا على أن الإرادة تتجاوز الإعاقات الجسدية، وأن رجلًا ضريرًا استطاع أن يقود مؤسسة الإفتاء في بلد بحجم السعودية، ويؤثر في حياة الملايين.