سياسة

الجارديان: موجة اعترافات غربية بدولة فلسطين تضع إسرائيل في عزلة متزايدة

الحوار

 

في تطور دبلوماسي غير مسبوق منذ سنوات، أعلنت ثلاث دول كبرى هي المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، إلى جانب مجموعة من الدول الأوروبية، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. 

كما أن هذه الخطوة التي جاءت في توقيت حساس وسط الحرب الدائرة في غزة، ليست مجرد إشارة رمزية كما يصفها البعض، بل تحمل في طياتها دلالات استراتيجية قد تُحدث تحولًا عميقًا في توازنات الشرق الأوسط وفي العلاقات بين إسرائيل وحلفائها الغربيين.

المبادرة، التي قادتها فرنسا بدعم من السعودية وعدد من الدول الأوروبية، تهدف إلى إعادة إحياء حل الدولتين، وتوجيه رسالة قوية لإسرائيل بأن استمرار سياساتها الاستيطانية والعمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية يهدد بشكل مباشر إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلًا.

دول كبرى تنضم إلى معسكر الاعتراف

إلى جانب أستراليا وكندا وبريطانيا، شملت قائمة الدول التي انضمت إلى الاعتراف كلًا من بلجيكا، فرنسا، لوكسمبورغ، البرتغال، مالطا، مع احتمالية انضمام نيوزيلندا وليختنشتاين خلال مؤتمر خاص في الأمم المتحدة. بهذا القرار، يرتفع عدد الدول المعترفة رسميًا بفلسطين إلى 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.

مخاوف إسرائيلية من انعكاسات الاعتراف

الخطوة الغربية أثارت قلقًا بالغًا في إسرائيل التي تخشى أن تمهد الطريق لمزيد من العزلة الدبلوماسية وربما فرض عقوبات تجارية أوروبية في حال أقدمت الحكومة على تنفيذ تهديداتها بضم أجزاء من الضفة الغربية، خاصة في منطقة الممر E1 الذي يقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها ويفصلها عن القدس الشرقية. 

بعض المحللين الإسرائيليين حذروا من أن هذه التطورات قد تصل في نهاية المطاف إلى حد تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.

الموقف الفرنسي: اعتراف ليس مكافأة لحماس

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان المحرك الأساسي لهذه المبادرة، أكد في تصريحات لوسائل إعلام إسرائيلية أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يعني مكافأة حركة حماس، بل العكس تمامًا، إذ إن حل الدولتين يمنع تحقيق هدف الحركة المعلن بإقامة دولة إسلامية على أنقاض إسرائيل. ماكرون شدد على أن الاستيطان المتسارع جعل العالم أمام اللحظة الأخيرة لإنقاذ إمكانية الحل السلمي.

تباينات داخل الغرب

ورغم أن ألمانيا وإيطاليا ودول البلطيق لا تزال متحفظة على الاعتراف، إلا أن ضغوطًا متزايدة داخل هذه الدول تطالب بخطوات مشابهة، حتى لو كان الثمن مواجهة غضب الولايات المتحدة. وفي المقابل، تسعى فرنسا والسعودية وإسبانيا والنرويج لتأمين دعم مالي عاجل للسلطة الفلسطينية، بعد محاولات إسرائيلية لخنقها ماليًا عبر حجز أموال الضرائب.

الولايات المتحدة في موقف حرج

الموقف الأمريكي ظل رافضًا لهذه التحركات، حيث منعت واشنطن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من دخول أراضيها لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة، قبل أن يضطر الأعضاء إلى التصويت لصالح ظهوره عبر تقنية الفيديو. هذه الخطوة اعتُبرت خرقًا لاتفاقيات مقر الأمم المتحدة، كما عكست مدى تباين الرؤى بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بشأن مستقبل الصراع.

خطر الانفجار الإقليمي

إلى جانب المخاوف الأوروبية، أبدت دول عربية مثل الإمارات انزعاجها الشديد من التوجهات الإسرائيلية الأخيرة. وأكدت أبوظبي أن أي خطوة لضم الضفة ستشكل خطًا أحمرًا يقوّض مسار اتفاقيات أبراهام التي وُقعت عام 2020.

الاعتراف العالمي

خطوة الاعتراف الغربي بدولة فلسطين تمثل تحولًا تاريخيًا في ميزان الدعم الدولي. ورغم أن إسرائيل تراهن على الدعم الأمريكي لعرقلة هذه المساعي، إلا أن تزايد عدد الدول الأوروبية التي تكسر الخطوط الحمراء التقليدية في التعامل مع تل أبيب يشير إلى أن مرحلة جديدة من العزلة السياسية والدبلوماسية لإسرائيل قد بدأت بالفعل.

تم نسخ الرابط