صفقة التكنولوجيا البريطانية الأمريكية بقيمة 31 مليار جنيه إسترليني: إنجاز أم تحدٍ؟

أبرمت المملكة المتحدة هذا الأسبوع اتفاقية جديدة مع الولايات المتحدة لتعزيز الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، بقيمة إجمالية تبلغ 31 مليار جنيه إسترليني. وعلى الرغم من العناوين الجاذبة، يطرح هذا الاتفاق عدداً من الأسئلة حول مصلحة المجتمع المحلي، الأولويات الوطنية، وأهداف الحكومة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
الشركات الكبرى ليست خيرية: ما المقابل؟
حذر بيتر كايل، وزير التكنولوجيا السابق، من أن شركات مثل ميتا وغوغل ومايكروسوفت تتمتع بقوة كبيرة، ما يتطلب من المملكة المتحدة التعامل معها “بحس دبلوماسي” و”تواضع”. هذه الرؤية مستمرة اليوم عبر اتفاقية “الازدهار التكنولوجي” بين البلدين، والتي يبدو أنها تهدف أكثر إلى تسهيل استثمارات الشركات الأمريكية الكبرى في بريطانيا بدلاً من التركيز على السلامة الرقمية، حماية حقوق النشر البريطانية، أو فرض ضريبة على الخدمات الرقمية.
ورغم وعود استثمارات ضخمة في مراكز البيانات والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يبقى السؤال الأساسي: ما المقابل الذي سيحصل عليه المجتمع المحلي؟ ففي الولايات المتحدة، أدت مشاريع مراكز البيانات إلى ارتفاع فواتير الطاقة وتعطّل إمدادات المياه، مع خلق عدد قليل جداً من الوظائف، ما يثير المخاوف بشأن المدن البريطانية مثل بليث في نورثمبرلاند.
التكلفة الفرصية للتركيز على التكنولوجيا الأمريكية
أثارت الوزيرة الجديدة للتكنولوجيا، ليز كيندال، الآمال بوصف الشراكة “تصويتاً بالثقة في قطاع الذكاء الاصطناعي البريطاني المزدهر”، لكن غالبية الشركات المشاركة أمريكية، وليست مملوكة أو مقرها بريطانيا. قد يكون الاستثمار الأمريكي ضرورياً، لكن إذا لم يتم إدارته بحكمة، فإنه قد يحد من نمو الشركات المحلية ويترك القطاع البريطاني يسعى وراء الفرص الثانوية في السوق.
رؤية الحكومة للذكاء الاصطناعي: أكبر وأسرع فقط؟
تغفل الحكومة أحياناً النظر في الأثر الاجتماعي والاقتصادي الفعلي للذكاء الاصطناعي، مع افتراضات غير مؤكدة عن التحولات المحتملة، مثل تقديم علاجات إنقاذية لملايين المرضى. بدلاً من ذلك، يجب أن تبدأ السياسات بالسؤال: ما الفوائد الملموسة للذكاء الاصطناعي للمجتمع، وما الاستثمارات التكنولوجية الضرورية لتحقيقها؟
تعزيز القدرات المحلية وابتكار بدائل
يمكن للحكومة استغلال الموارد العامة لتوسيع أبحاث الذكاء الاصطناعي وبناء قدرات مستقلة. وحدات الذكاء الاصطناعي السيادية، والمكتبة الوطنية للبيانات، ومبادرة الموارد البحثية للذكاء الاصطناعي، كلها أدوات يمكنها دعم المنظمات الصغيرة والعامة وغير الربحية، وتقليل استنزاف المواهب وحقوق الملكية الفكرية لصالح الشركات الكبرى، مع تطبيق لوائح صارمة عند الحاجة.
التعاون مع الولايات المتحدة يتطلب الحذر
لا يعني كل ما سبق التخلي عن التعاون مع الولايات المتحدة أو شركاتها، لكنه يؤكد ضرورة وضع رؤية واضحة وتصميم دقيق، مع مهارات دبلوماسية حقيقية لضمان أن تستفيد المملكة المتحدة فعلياً من هذا الاستثمار، وليس فقط الشركات الأمريكية الكبرى.