سياسة

الجارديان: الديمقراطيون يلجأون للغضب والألفاظ الحادة.. بحثًا عن المصداقية في مواجهة ترامب

المنصات الاليكترونية
المنصات الاليكترونية

لم يعد الحزب الديمقراطي الأمريكي يعتمد على خطاباته التقليدية المنمقة، بل بدأ قادته وأعضاؤه يتبنون لغة أكثر صراحة وحدة، تصل أحيانًا إلى استخدام الألفاظ النابية والردود الغاضبة، في محاولة للتواصل بشكل مباشر مع قواعدهم وبث صورة أكثر صدقًا وعفوية.

فمع بداية الولاية الثانية لدونالد ترامب، يجد الديمقراطيون أنفسهم في أزمة ثقة مع الشارع. استطلاعات الرأي تُظهر تراجعًا في شعبيتهم، ليس فقط بين الناخبين الريفيين والطبقة العاملة، بل أيضًا بين الشباب وبعض الأقليات التي طالما اعتمد عليها الحزب. أمام هذا التراجع، يحاول الديمقراطيون إعادة صياغة صورتهم، والتخلص من الصورة النمطية بأنهم حزب النخبة والبيانات الباردة.

التحول يبدو واضحًا في أسلوب الخطاب السياسي: من مقاطع "تيك توك" التي يطل فيها نواب مثل روبرت غارسيا مستخدمين لغة حادة ومباشرة، إلى ظهور مسؤولين مثل جافين نيوسوم بعبارات هجومية لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي. حتى قيادات تقليدية في الحزب باتت تدافع عن ضرورة "مواجهة النار بالنار"، معتبرة أن لغة الغضب والحدة تعكس إحباط القواعد من سياسات ترامب.

لكن هذا التوجه الجديد لا يخلو من الانتقادات. بعض المحللين الإستراتيجيين يحذرون من أن الإفراط في استخدام الألفاظ النابية قد يبدو مصطنعًا، ويعطي انطباعًا بعدم الجدية. الباحثة السياسية أنات شنكر-أوسوريو أكدت أن المشكلة الحقيقية ليست فقط في الكلمات، بل في كيفية وصول الرسالة للجمهور وسط ضجيج الإعلام الرقمي الذي تضخمه حسابات ترامب وحلفائه. فهي ترى أن السخرية والهجوم قد تكون أدوات فعالة لمواجهة الاستبداد، لكنها تفقد قيمتها إن لم تُترجم إلى خطوات عملية ملموسة.

في المقابل، هناك من يرى أن هذه اللغة الجديدة تجذب شريحة من الناخبين، خصوصًا الشباب الذين يستهلكون المحتوى السياسي عبر المنصات الرقمية ويتفاعلون مع الخطاب الساخر والجريء. وبالفعل، زاد تواجد أعضاء الكونغرس الديمقراطيين على منصات مثل "تيك توك" و"تويتش"، وأصبحوا يواكبون الصيحات الساخرة والردود السريعة التي اعتاد عليها جمهور الإنترنت.

مع ذلك، يبقى السؤال: هل يمكن للغضب والألفاظ الجريئة وحدها أن تنقذ الحزب من أزمته العميقة؟ الواقع يشير إلى أن الديمقراطيين بحاجة لأكثر من مجرد تغيير في الأسلوب. فالتحدي الحقيقي يكمن في الجمع بين لغة صريحة تجذب الانتباه وبين سياسات وإجراءات حقيقية تُقنع الناخبين بأن الحزب قادر على مواجهة نفوذ ترامب، والتصدي لمخاطر الانزلاق نحو السلطوية.

وبينما يحاول الديمقراطيون الظهور بمظهر "المقاتلين" لا "المستسلمين"، تبقى المخاطرة قائمة: فالجمهور قد يتسامح مع الألفاظ الغاضبة إذا شعر بصدقها، لكنه سرعان ما سينقلب عليهم إذا بدت مجرد محاولة يائسة لتقليد أسلوب ترامب نفسه.

تم نسخ الرابط