الجارديان: مخاوف السلامة بعد انقطاع الكهرباء عن محطة زابوريجيا النووية

تعيش محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا، التي تسيطر عليها روسيا، أزمة غير مسبوقة بعد انقطاع الكهرباء الخارجية عنها لأكثر من ثلاثة أيام متواصلة. ويثير هذا الانقطاع المطول قلقًا واسعًا بشأن سلامة الموقع الذي يضم ستة مفاعلات ويُعد الأكبر في أوروبا، خصوصًا مع اعتماد المحطة حاليًا على مولدات الطوارئ لتشغيل أنظمة التبريد والأمان.
انقطاع غير مسبوق ومخاطر محتملة
انقطعت آخر خط كهرباء خارجي يربط المحطة بالشبكة في الجانب الروسي مساء الثلاثاء، دون مؤشرات فورية على إعادة تشغيله. هذا الوضع دفع المحطة للاعتماد على مولدات ديزل للطوارئ، التي تكفي وقودها لمدة 20 يومًا فقط، ما يزيد من احتمالية وقوع حادث نووي إذا لم يُستعد التيار في الوقت المناسب.
وكالة الطاقة الذرية الدولية (IAEA) اعتبرت الموقف “مثيرًا للقلق الشديد”، محذرة من أن فقدان الطاقة الخارجية يزيد بشكل مباشر من مخاطر وقوع كارثة نووية.
اتهامات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا
اتهمت السلطات الروسية القوات الأوكرانية بقصف مناطق قريبة من خط الكهرباء، بينما نفت كييف بشدة استهدافها للمحطة، مؤكدة أن ذلك سيكون خطرًا جسيمًا. وفي المقابل، يرى مسؤولون أوكرانيون وخبراء غربيون أن موسكو تتعمد افتعال الأزمة لتعزيز سيطرتها على المنشأة وتحويلها إلى ورقة ضغط سياسية.
المخاوف الدولية وسيناريوهات الخطر
تشير الاختبارات الأوروبية التي أجريت بعد كارثة فوكوشيما عام 2011 إلى أن أي محطة نووية يمكنها الصمود دون كهرباء خارجية لمدة 72 ساعة فقط، وهو حد تجاوزته زابوريجيا بالفعل. وإذا فشلت المولدات الاحتياطية، قد ترتفع حرارة الوقود النووي داخل المفاعلات بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ما يؤدي إلى انصهار محتمل خلال أسابيع.
المقارنة مع حادث فوكوشيما، حيث أدى زلزال وتسونامي إلى انصهار ثلاثة مفاعلات في غضون أيام، تبرز حجم الخطر الذي يتهدد زابوريجيا إذا تعطلت أنظمة الطوارئ.
خطط روسية للربط بالشبكة الخاصة بها
تظهر صور أقمار صناعية حديثة أن روسيا تعمل على إنشاء خط كهرباء بديل من شبكتها مرورًا بمدينة ماريوبول المحتلة، إلى جانب بناء سد لتأمين مصدر مياه خاص للتبريد. ووفق خبراء “غرينبيس”، فإن هذه التحركات قد تمهّد لتشغيل أحد المفاعلات مجددًا، في خطوة يُنظر إليها على أنها “استعراض للسيطرة” وسط الحرب.
المواقف الدولية
رغم لقاء مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يصدر أي إعلان مباشر حول أزمة زابوريجيا. غروسي اكتفى بالقول إن اللقاء كان “مهمًا وفي الوقت المناسب”، بينما طالب خبراء مستقلون الوكالة بضرورة الضغط على موسكو لوقف خطط إعادة تشغيل المفاعلات.
تظل أزمة محطة زابوريجيا النووية إحدى أخطر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يجتمع البُعد العسكري مع خطر بيئي نووي قد يمتد أثره إلى ما وراء حدود أوكرانيا. وبينما تتواصل المساعي لإيجاد حل، يظل الخوف الأكبر ماثلًا في إمكانية تحول الأزمة إلى كارثة شبيهة بفوكوشيما، لكن هذه المرة في قلب أوروبا.